ما تداعيات التصعيد في حلب على اتفاق 10 مارس؟
ديسمبر 23, 2025 192

ما تداعيات التصعيد في حلب على اتفاق 10 مارس؟

حجم الخط

شهدت مدينة حلب مساء الإثنين 22 كانون الأول/ ديسمبر 2025 تصعيداً كبيراً بدأته قوات سوريا الديمقراطية "قسد"؛ حيث قام أحد عناصرها بإطلاق النار على حاجز عسكري تابع للحكومة السورية في منطقة دوّار شيحان بعد انسحاب عناصرها من الحواجز المشتركة الموجودة على مداخل حيَّي الشيخ مقصود والأشرفية، وتطورت الحادثة سريعاً إلى مواجهات مباشرة بين الطرفين، شملت تبادلاً لإطلاق النار واستخداماً للأسلحة الثقيلة.

هذه المرة الثانية التي تشهد فيها مدينة حلب تصعيداً كبيراً منذ توقيع اتفاق 10 آذار/ مارس 2025 بين الرئيس أحمد الشرع وقائد قسد مظلوم عبدي، إذ سبق واندلعت اشتباكات عنيفة بين الطرفين مطلع تشرين الأول/ أكتوبر 2025. وفي غضون ذلك، تتعرّض خطوط التماسّ بين قسد والحكومة السورية على طول خط الفرات لخروقات متبادلة، لكنها لم تُؤثر على المباحثات بينهما.

تزامن التصعيد في حلب مع زيارة وفد تركي رفيع المستوى إلى دمشق ضم وزيرَي الخارجي والدفاع ورئيس جهاز الاستخبارات، حيث ناقشوا مصير اتفاق 10 آذار/ مارس، الذي توشك المدة الخاصة بتطبيقه على الانتهاء، ولم يُحقق فيها الطرفان أيّ تقدُّم، وقد وجَّه وزير الخارجية السوري خلال لقائه بالوفد التركي الاتهام لقسد بالمماطلة وعدم الجدية في تطبيق بنوده.

سبق التصعيدَ والزيارةَ تهديدُ وزير الدفاع التركي لقسد في 20 كانون الأول/ ديسمبر 2025؛ حيث قال: إنّ لدى بلاده خططاً جاهزة لمواجهة أي تطورات ميدانية، وقسد تعرف تماماً ما الذي ستفعله تركيا عند الحاجة، وأنّ اندماجها على شكل وحدة كاملة في الجيش السوري أمر غير مقبول ويجب حتماً الاندماج بشكل فردي.

هذا التهديد كان رداً على مقترح قدمه قائد قسد قبل أيام بشأن آلية الاندماج؛ ويتضمن الحفاظ على كتلتها العسكرية والأمنية في الجيش السوري، وكذلك على الانتشار الجغرافي، والمطالبة بانسحاب القوات التركية من مناطق شمال سوريا، وبنود أخرى تتعلق بالموارد والحكم، وقد رفضت الحكومة السورية المقترح، وعادت قسد لإرسال تعديل عليه، ما يزال قيد الدراسة كما صرّح بذلك وزير الخارجية السوري خلال مؤتمر صحافي مع نظيره التركي في ذات اليوم الذي شهد تصعيداً من قسد.

رغم عودة الهدوء إلى أحياء مدينة حلب لم ينتهِ خطر التصعيد، فاحتمال تجدُّده ما زال قائماً، ومن الواضح أنّ قسد تستخدم وجودها في المدينة دوناً عن غيرها من الجبهات من أجل إيصال الرسائل للحكومة بشأن موقفها الذي لا تبدي أي مرونة فيه؛ لأنّ زعزعة الاستقرار في حلب قد تربك الحكومة وحساباتها وتُشكّل نوعاً من الضغط عليها، وما لم تتخلّص دمشق من هذا الضغط، لا يُتوقّع أن تنخرط قسد جديّاً بمفاوضات الاندماج.

أخيراً، مع نهاية المهلة المخصصة لتطبيق اتفاق 10 آذار/ مارس، لا يبدو أنّ الحكومة السورية مدعومة بموقف تركيا ستقبل بأيّ خُطوة لا تقود إلى حل قسد والمشروع السياسي لحزب الاتحاد الديمقراطي "PYD"، وإنّ استمرار قسد باستخدام مدينة حلب منصّة للضغط على دمشق سيؤدي إلى تقويض الاتفاق واحتمال اتخاذ قرار بشنّ عملية عسكرية وأمنية محدودة لإنهاء وجود قسد والتخلّص من هذا الضغط، خصوصاً إنْ ضغطت دمشق وأنقرة على واشنطن بخصوص ذلك، دون أن يعني ذلك انتهاء اتفاق 10 آذار/ مارس؛ حيث يُتوقّع أن يبقى الاعتماد عليه مستنداً للمفاوضات بين الطرفين، مع استمرار سيطرة قسد على مناطق واسعة شرق الفرات، وإصرار الحكومة على تقديم الحلول الدبلوماسية على العسكرية.