الفراغ الاستراتيجي بعد داعش
يوليو 13, 2016 1357

الفراغ الاستراتيجي بعد داعش

حجم الخط

د.ظافر محمد العجمي

 

مايجري في العراق وسوريا ليس تغيير زلزالي يحطم المدن ويترك أخاديد سياسية، واقتصادية،وعسكرية،ونفسيةبين الفرقاء في الوطن الواحد؛حيث يعودون بعد تجاوزها لإصلاح حالهم. بل إن مايجري تغيير بركاني إنبثقت منه الحمم،والغازات ،والرماد،وسالت في هيئة لوافظ ساخنةوصلت تبعاتها الجوار الاقليمي .وبعد ان تبرد البراكين عادة تزداد خصوبة التربة فيسيل لعاب القوى الإقليمية والدولية لتلك المناطق الغنية التي غاب عنها أصحابها وباتت شاغرة.لقد خسر تنظيم  داعش نصف الأراضي التي كان قد احتلها منذ انكساراته الكبرى في عين العرب والفلوجة. صحيح اننا أمة تعاني  خاصرتها من مرض الفراغ الاستراتيجي المزمن منذ سقوط الدولة العباسية،لكن الفراغ المتشكل بعد رحيل شذاذ الافاق من داعش سيكون هو الاخطر.فنحن المخاطب في فكرة «نهاية التاريخ» الذي يمهد لعولمة الموارد، ونحن المقصود في «صدام الحضارات» الممهدة لوسم الإسلام بالتحدي الاكبر.

سينتهي الامر بداعش بلا وطن كما هي حال القاعدة،وقد تقاوم الذوبان الى حين عبر بيان ذئب منفرد قبل ان يمزق جسده حزام ناسف،أو عبوة في سيناء أوليبيا أواليمن أوأفغانستان أوبوكو حرام،أو في علم أسود بالعالم الافتراضي. ولن تستطيع بغداد التي اضحت خرابه ومرتعاً جاهزا لنشأة هياكل ارهابية اخرى ان تملأ الفراغ.كما لن تستطيع دمشق المهدر دمها من قبل ستين فصيل مسلح ان تسترد ماترك داعش. وسيكون السباق على ملء الفراغ الاستراتيجي بين المشروع القومي التركي والمشروع القومي الإيراني.والمشروع القومي الكردي والمشروع الصهيوني.كما سيكون هذا الفراغ في  شبكة مصالح  روسيا، لكونها الاقرب والأقوى .أما واشنطن  التي  نفذت 42 عملية عسكرية في المنطقة منذ الحرب العالمية الثانية، فلن تفرط في هذا الارث بعد زوال " الارتباكية الأوبامية" المرحلية .ولكون القومية العربية ،والتضامن الاسلامي والتي شكلتا حائط صد ملأ الفراغ الاستراتيجي معنويا تعيشان حاليا أسوأ حالاتهما لانهيار نظام الامن العربي وارتفاع الاسلامفوبيا ؛ لايبقى إلا دبلوماسية تناقضات الاطراف المتصارعة ، و إقناعهم بوضع ترتيب سياسي مستدام ،حتى لا تصل تلك القوى الى اتفاق.

 

بالعجمي الفصيح

سقوط داعش يعني تقاسم الفراغ،وإذا لم تكن دول الخليج قد تهيأت لمثل هذا اليوم الذي يتحول فيه الشركاء الإقليميين الى غرماء إقليميين، فذلك قصور إستراتيجي لا أسم له.