الموقف الغربي من مبادرات التطبيع مع النظام السوري
مارس 29, 2023 4172

الموقف الغربي من مبادرات التطبيع مع النظام السوري

حجم الخط


قابلت الدول الغربية مبادرات التطبيع الإقليمية الأخيرة مع النظام السوري بحراك دبلوماسي  ملحوظ ؛ حيث أصدرت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا في  16   آذار/ مارس، بياناً مشترك اً أكّدت فيه على عدم تطبيع العلاقات مع النظام قبل إحراز  تقدُّم حقيقي ودائم نحو ح لّ سياسي يتوافق مع قرار مجلس الأمن  2254 ( 2015 ) ويستند إلى العدالة والمحاسبة، إضافة إلى عدم تمويل إعادة إعمار الأضرار التي تسبب بها النظام خلال النزاع، وعدم رفع العقوبات المفروضة عليه.

وسبق البيا نَ الرباع يَّ إعلا نُ الاتحاد الأوروبي في  18   كانون الثاني/ يناير، اللاءات الثلاث، وهي: لا للتطبيع، ولا لإعادة الإعمار، ولا لرفع العقوبات، طالما لم يشارك النظام بشكل  فعّال في الحل السياسي.

وفي  21   آذار/ مارس، عقدت الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا والنرويج اجتماعاً  موسَّعاً في عمّان بحضور كل من المملكة العربية السعودية والإمارات وتركيا وقطر والأردن ومصر، وبمشاركة الجامعة العربية والاتحاد الأوروبي. ومع أنّ البيان الختامي تجنّب الإشارة إلى مبادرات التطبيع مع النظام، منعاً لحصول انقسام في المواقف، واكتفى بالتأكيد على دعم قرار مجلس الأمن  2254 ( 2015 )، إلّا أنّه عملياً أوصل رسالة حول جدّية الموقف الغربي إزاء ف كّ العزلة عن النظام.

وخلال جلسة مجلس الأمن في  23   آذار/ مارس، جدّدت الدول الغربية موقفها من التطبيع؛ حيث شدّد السفير الأمريكي على أنّ العملية السياسية التي تيسرها الأمم المتحدة هي السبيل الوحيد للتوصّل إلى حل دائم للنزاع، كما حذّر الدول التي تتعامل مع بشار الأسد  ل كونه استخدم الأسلحة الكيميائية بشكل متكرر وما يزال يُغرق المنطقة بالكبتاغون وينشر الإدمان والجرائم. وكذلك أكّد السفير الفرنسي على موقف بلاده من النظام.

فعلياً يرجع الموقف الغربي الرافض للتطبيع -على ما يبدو- إلى أسباب أمنية وسياسية؛ حيث تُسهم إعادة العلاقات مع النظام في تطبيع انتهاكاته للقانون الدولي؛ خصوصاً لاستخدامه الأسلحة الكيميائية وتصفية المعتقلين في السجون والمختفين قسراً وتقويض الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي  عَبْر إغراق المنطقة بالمخدرات وتوفير  البِنْية التحتية للميليشيات الإيرانية من أجل استخدام سورية كقاعدة عمليات لإيران.

كما أنّ الدول الغربية تنظر إلى التطبيع باعتباره نقطة استقطاب  حادّة مع روسيا التي تدعم هذا المسار منذ  تشكُّله . إذ  إ نّ نجاح بوتين في إعادة تأهيل الأسد   بعيداً عن قرارات مجلس الأمن سيكون على حساب المصالح والسياسات الأوروبية والأمريكية في المنطقة، وسيمهد الطريق لحل نزاعات أخرى في العالم بعيداً عن الأمم المتحدة بعدما ترسم روسيا الحل فيها بما يتوافق مع مصالحها وأهدافها. 

وأخيراً ما يزال الموقف الغربي يُشكّل عائقاً أمام نجاح  مَسار التطبيع وتحقيق الجدوى منه للدول المنخرطة فيه، لكنّ الدول الغربية لا تمتلك للحظة بديلاً عن تلك المبادرات، باستثناء  التمسُّك بالعملية السياسية  وَفْق قرارات مجلس الأمن. ومع أنّ هذا الموقف قد يؤدي إلى استمرار تجميد النزاع الذي  بَنى   مَسار التطبيع، لكن نشوب تصعيد ميداني يبقى قائماً مما قد يُهدّد بانهيار  المَسار .