انضمام سوريا للتحالف الدولي لمكافحة الإرهاب..  ماذا يعني؟
نوفمبر 03, 2025 2516

انضمام سوريا للتحالف الدولي لمكافحة الإرهاب.. ماذا يعني؟

حجم الخط

تعتزم الحكومة السورية الانضمام إلى التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، ومن المقرر أن يزور الرئيس "أحمد الشرع" واشنطن للتوقيع على هذا الانضمام، وبذلك ستكون سوريا العضو رقم 90 في التحالف الذي تَشكَّل بقيادة الولايات المتحدة في أيلول/ سبتمبر 2014، ويضمّ في عضويته اليوم 89 عضواً من بينها 36 دولة أوروبية، و11 دولة عربية إضافة إلى تركيا وقبرص من دول الشرق الأوسط، ودول آسيوية وإفريقية، وشركاء آخرين مثل الإنتربول، ومنظمة حلف شمال الأطلسي الناتو، وجامعة الدول العربية. 

من المتوقع أن تحصل سوريا بمجرد انضمامها على فوائد كثيرة قياساً على الفوائد التي حصل عليها العراق الذي يعمل التحالف فيه بدعوة رسمية من الحكومة، ويدعم هناك جهود تحقيق الاستقرار بما يتضمن المساعدة في تطهير المناطق من الألغام ومخلفات الحرب، واستعادة الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والتعليم والصحة، وتهيئة الظروف لتعافي الجوانب الاقتصادية المحلية، وتمكين النازحين من العودة الطوعية إلى ديارهم، ودعم الإصلاحات السياسية والأمنية، ويدرب التحالف قوات الأمن والشرطة، في سبيل تعزيز الأمن وسيادة القانون، ويقدم لها المشورة والمعدات مثل تقنيات مكافحة العبوات الناسفة، وقد قام مشروع تمويل المَرافق لتحقيق الاستقرار التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والمموَّل جزئياً من قِبل التحالف عَبْر "صندوق تمويل الاستقرار الفوري" (FFIS) الذي تأسس عام 2015، بتمويل أكثر من 1100 مشروع في 28 موقعاً في جميع أنحاء العراق. 

بانضمام سوريا للتحالف الدولي تكون الحكومة أيضاً قد لبّت أحد أهم المطالب الدولية منها، المتمثّل بتأكيد مكافحتها للإرهاب بشكل فعلي، ومنع عودة انتشاره، وتنسيقها المباشر مع قوات التحالف، وتبادُل المعلومات الاستخباراتية، والقيام بتدريبات وعمليات مشتركة، وتزويد القوات السورية بمعدات متطورة، وهو ما سيرفع من القدرات القتالية والتقنية لهذه القوات. 

 الانضمام للتحالف سيعزز شرعية الحكومة على المستوى الدولي، وبالتالي رفع وتيرة رفع العقوبات الدولية عنها وخصوصاً العقوبات الأممية المفروضة على خلفية تصنيف بعض شخصيات القيادة السورية على قوائم الإرهاب، وهذا سيتيح تحسين الأوضاع الاقتصادية في البلاد بدخول الاستثمارات والمشاريع التي ما زالت معطلة بفعل تلك العقوبات. 

كما يُتوقّع أن يُساهم الانضمام في حلّ مشكلة مناطق شمال شرق سوريا، وإعادة بسط سلطة الدولة، ونشر مؤسساتها فيها، وسيطرتها على حدودها الدولية، حيث ستفقد قوات سوريا الديمقراطية التابعة للإدارة الذاتية ميزة كونها الشريك السوري الوحيد للتحالف، ونقل الشراكة للحكومة، وبالتالي نقل السلطة إليها، وتكليفها بإدارة ملفّ السجون والمخيمات التي تؤوي عناصر وعوائل تنظيم داعش، إضافة للعوائد الاقتصادية المهمة من الثروات الطبيعية التي تستأثر بها قسد حالياً. 

من ناحية الولايات المتحدة الانضمام يحقق لها مكاسب أيضاً حيث سيصبح وجود القوات الأمريكية، وقوات التحالف وعملياته مشروعاً في سوريا، وهذا سيخفف، أو سيوقف الأصوات الداعية لانسحاب القوات الأمريكية من سوريا لعدم وجود أساس قانوني لوجودها، وهو ما كان أيضاً يكرره النظام السابق، وكذلك حلفاؤه الروس والإيرانيون الذين كانوا يرون وجود قواتهم مشروعاً بذريعة أنه جاء بطلب من حكومة النظام البائد. 

الانضمام سيحل أيضاً مشكلة كبيرة للمجتمع الدولي وخصوصاً الدول التي لها رعايا من عناصر داعش في السجون، حيث يمكن للحكومة السورية -باستعادة السيطرة على منطقة شمال شرق سوريا، وإدارة ملف السجون- أن تعقد محاكمات لهذه العناصر استناداً للقوانين الوطنية المعمول بها في البلاد، باعتبار أن الجرائم وقعت على الأراضي السورية، وبالتالي تنفيذ العقوبات في السجون السورية، وهي محاكمات كانت الدول قد منعت قسد من إقامتها رغم سعيها لذلك، بسبب عدم وجود قوانين وطنية معترَف بها دولياً. 

أخيراً، يمثل هذا الانضمام قطيعة حقيقية عن نهج نظام الأسد الذي تسبَّب بتصنيف سوريا دولة راعية للإرهاب، وفرض عليها عزلة وعقوبات سياسية واقتصادية، ويعيد سوريا إلى محيطها العربي والإقليمي دولةً لا تهدد جيرانها، وتحافظ وتلتزم بالسلم والأمن الدولييْنِ.