إعلان تركيا المتأخر عن اللقاء الدبلوماسي مع النظام السوري.. الدوافع والدلالات
أغسطس 13, 2022 1435

إعلان تركيا المتأخر عن اللقاء الدبلوماسي مع النظام السوري.. الدوافع والدلالات

حجم الخط

 
في 11 آب/ أغسطس 2022، كشف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو عن إجرائه محادثة قصيرة مع وزير خارجية النظام السوري فيصل المقداد، على هامش اجتماع دول عدم الانحياز في العاصمة الصربية بلغراد في تشرين الأول/ أكتوبر 2021. 
 
وأتبع وزير الخارجية التركي هذه المعلومات بالتأكيد على أن السلام الدائم في سورية يتطلَّب إجراء مصالحة أو اتفاق بين المعارضة والنظام، إضافة إلى القضاء على الإرهابيين دون تمييز. 
 
ويُلاحَظ أنّ إعلان تركيا عن اللقاء الدبلوماسي مع النظام جاء بعد مرور 10 أشهر على انعقاده، وهذا الاستحضار يعني أن تركيا لا تمانع تطوير مستوى اللقاءات الثنائية لتشمل الجانب الدبلوماسي بعدما كانت تقتصر على الأمنيّ منذ مطلع عام 2019. 
 
وبما أنّ الإعلان المتأخّر عن اللقاء جاء بعد أسبوع فقط من انتهاء القمة الثنائية بين تركيا وروسيا التي عُقدت في سوتشي على مستوى الرؤساء وبعد أقل من شهر من انعقاد القمة الثلاثية بصيغة أستانا في طهران فهو يدلّ على ما يلي: 
 
• إصرار روسيا على حلّ مشاكل تركيا الأمنية في سورية بالتواصل مع النظام في إطار صيغة معدَّلة عن اتفاقية أضنة (1998)، وهو ما أشار إليه -بشكلٍ مَا- خطاب الرئيس رجب طيّب أردوغان في 6 آب/ أغسطس 2022. 
 
• رغبة تركيا في إظهار التجاوُب مع عرض الوساطة الإيرانية لإصلاح العلاقة مع النظام والذي قدّمته مطلع تموز/ يوليو 2022، فيما يبدو أنّ أنقرة تعثّرت في تحقيق اختراق في القمة الثنائية مع روسيا لمعالجة الخلافات والمخاوف الأمنية حول سورية وَفْق رؤيتها القائمة على شنّ عملية عسكرية بشكل منفرد. 
 
• محاولة تركيا الاستفادة من إصرار روسيا وإيران على التواصُل مع النظام لأداء دَوْر الوساطة مع المعارضة، للحفاظ على قدرتها في التأثير على العملية السياسية المتعثّرة، ولتوسيع سُبل إقامة المنطقة الآمنة في سورية وَفْق شروط تكون مقبولة لديها. 
 
• تزايُد مخاوف تركيا من تعثُّر مسار المفاوضات مع الولايات المتحدة بخصوص القضايا الخلافية حول سورية بما فيها الموقف من العملية العسكرية ودعم "قسد”. وبالتالي محاولة إيجاد بدائل لضمان إنشاء منطقة آمِنة. 
 
• محاولة الحزب الحاكم في تركيا -في إطار المناورة أو الرغبة- إيجاد حلول للضغوط التي يتعرّض لها بما يخص قضية اللاجئين السوريين، عَبْر إظهار القدرة على إقامة منطقة آمِنة بكل السُّبل سواءً عسكرياً أو دبلوماسياً بما في ذلك التواصل مع النظام. 
 
إنّ الإعلان المتأخّر عن لقاء دبلوماسي -عابر للحدود- بين النظام وتركيا، لا يعني أن الأخيرة ماضية نحو مُقارَبة جديدة في سياستها الخارجية حول سورية. إنّ مثل هذا التغيُّر قد يُعرّض مكاسبها للخطر في مناطق وجودها العسكري مع تنامي مشاعر الاستياء والسخط، فلا يوجد ما يدعو للاعتقاد بأنّ النظام وحلفاءه قد يُبدون مرونة تجاه مطالب أنقرة لشكل العلاقة. 
 
عموماً، ما زال الحديث عن عودة العلاقات الدبلوماسية بين النظام وتركيا مبكراً، خصوصاً أنّ مطالب وشروط أنقرة لم تتحقق بعدُ.