أزمة الهجرة شرق سورية تدفع الإدارة الذاتية لإصدار قانون مكافحة تهريب الأشخاص
أكتوبر 24, 2022 1779

أزمة الهجرة شرق سورية تدفع الإدارة الذاتية لإصدار قانون مكافحة تهريب الأشخاص

حجم الخط
أزمة الهجرة شرق سورية تدفع الإدارة الذاتية لإصدار قانون مكافحة تهريب الأشخاص
 
 
 
في 18 تشرين الأول/ أكتوبر 2022، أصدرت الإدارة الذاتية في سورية قانوناً جديداً تحت اسم "مكافحة تهريب الأشخاص" يتضمن عقوبات بالغرامة المالية والسجن بحق المُهربين والمدنيين المغادرين من مناطقها أو القادمين إليها من غير المعابر الرسمية التابعة لها.
 
وجاء إصدار القانون بعد موجة هجرة كبيرة ومستمرة تشهدها مناطق سيطرة قوات سورية الديمقراطية منذ منتصف العام الجاري، غادر خلالها الآلاف من أبناء هذه المناطق عَبْر طرق تهريب عديدة إلى دول الجوار للاستقرار فيها أو الوصول إلى إحدى دول الاتحاد الأوروبي.
 
وعادةً ما تتدخّل كوادر حزب العُمّال الكردستاني بشكل مباشر في إقرار وإلغاء القوانين الصادرة عن الإدارة الذاتية في سورية؛ كونها تمسّ مصالحه وسياسته.
 
لكن، من غير المتوقّع أن يؤدي هذا القانون إلى وقف حركة الهجرة من مناطق سيطرة قسد لعدّة أسباب أهمّها: 
 
• أنّ جميع القائمين على عمليات التهريب هم من المتعاونين مع قسد وحزب العُمّال الكردستاني وكوادره، فمن المعلوم أنّ المناطق الحدوديّة تُعتبر مناطق أمنية بالنسبة لكوادر الحزب التي تستغلّ أحياناً عمليات تهريب المدنيين للتغطية على عمليات تهريب أخرى للعناصر والمتفجرات والأسلحة وأجهزة الاتصال إلى تركيا وإقليم كردستان العراق ومناطق سيطرة المعارضة في الشمال السوري.
 
• أنّ عمليات التهريب تؤمِّن موارد مالية ضخمة وبالعملة الصعبة لعدد من كوادر وقياديي الحزب.
 
• أنّ هذا النوع من القوانين الصادرة عن الإدارة الذاتية أو قسد ما تزال عاجزة منذ سنوات عن وقف عمليات التهريب النهريّة بين مناطق سيطرة قسد والنظام في ريف دير الزور الشرقي رغم مشاركة قوات التحالف الدولي في هذه المساعي؛ بسبب وقوف كوادر حزب العمال خلف التنظيم وحماية عمليات التهريب.
 
بناءً على ما سبق من عدم جدوى هذا القانون في مكافحة الهجرة وتوقيته المتأخّر، يُمكن القول: إنّ جملة الأسباب والدوافع الحقيقيّة التي تقف خلف إصداره هي:
 
• النقص الحادّ في أعداد المكلّفين بالخدمة العسكرية الإجبارية والتفلّت أو الفرار المحتمل لمئات من العناصر المجنَّدين والمتطوعين في صفوف قسد، نتيجة موجة الهجرة التي تضمّ بالدرجة الأولى الفئات العمرية الشابة وَفْق قانون "الدفاع الذاتي".
 
• حالة التوقف شِبه التامّ لحركة العمل وما يترتب عليها من تردِّي الأوضاع المعيشية والاقتصادية في مناطق الدرباسية وعين العرب/ كوباني بسبب موجة الهجرة الداخلية والخارجية، وهذه المناطق تُعتبر حاضنة رئيسية لقسد.
 
• محاولة توظيف القانون في سياسة عزل مناطق الإدارة الذاتية عن بقية مناطق النفوذ كأحد أدوات التغيير الديمغرافي؛ فالقانون يحوي وبشكل غير مبرّر عدداً من الموادّ التي تفرض عقوبات على المدنيين القادمين إلى مناطق سيطرة قسد من خارج المعابر التي تديرها، ويُشترط فيها وجود كفيل للمدنيين السوريين القادمين مناطق سيطرة النظام أو المعارضة، كما شملت العقوبات أيضاً كلَّ مَن يسهّل عمليات الدخول سواءً من المدنيين أو العسكريين أو الموظفين المدنيين في الإدارة الذاتية.
 
بالنتيجة، من الواضح أن مضمون القانون الأخير وأدوات وظروف تنفيذه غير متوفرة في الوقت الحالي لدى الإدارة الذاتية، لكنّها اُضطُرَّت لإصداره بشكل مُستعجل للتظاهر بقدرتها على التدخل وحلّ الأزمات التي تواجه مناطق سيطرتها، واستغلّت القرار بشكل واضح لتحقيق أهداف اجتماعية وسياسيّة بعيدة عن أساس مشكلة الهجرة، والتي كانت تستوجب قيامها بخطوات مغايرة يكون هدفها تحسين الواقع الأمني والاقتصادي والمعيشي المتردي في مناطق سيطرتها.