العملية التركية البرية في سورية.. معطيات واحتمالات
ديسمبر 28, 2022 1671

العملية التركية البرية في سورية.. معطيات واحتمالات

حجم الخط

العملية التركية البرية في سورية.. معطيات واحتمالات

 

منذ 19 تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، أطلقت تركيا عملية "المخلب – السيف" شمال سورية ضد مواقع حزب العمال الكردستاني وقوات سوريا الديمقراطية، لكنّها اقتصرت حتى اللحظة على الضربات الجوية والمدفعية دون أي تحرُّك بري.

إنّ إمكانية واحتمال تطوير العملية التركية من جوية إلى برية يرتبط بتحقيق عدد من المؤشرات العسكرية وهي: الاستعداد والجاهزية، وإجراءات السلامة ومنع التصادم مع القوات الأجنبية، والتمهيد الناري.

ويبدو أنّ حالة الاستعداد والجاهزية لم تصل بعد للحد الأقصى؛ حيث اكتفت القوات التركية بإبلاغ فصائل المعارضة بإعداد قوائم المقاتلين لتنفيذ المهامّ القتالية، دون أن يكون هناك توزيع للقوات على محاور القتال بعدُ. 

كما أن إجراءات السلامة ومنع التصادم مع القوات الأجنبية التي اتخذتها القوات التركية لم تصل لمستوى الإخلاء الكامل للمواقع العسكرية الروسية والأمريكية، إنما الابتعاد المؤقت عن مناطق العمليات، رغم أنّ أنقرة حققت خرقاً غيرَ مسبوقٍ؛ حيث ساهم التنسيق مع الولايات المتحدة باستخدام الطائرات التركية الأجواءَ السوريةَ لقصف مواقع قسد في دير الزور.

لكن بالمقابل عمل الجيش التركي على استكمال نسبة الكادر البشري ضِمن قواته المنتشرة على الحدود وداخل سورية بعدما أعطى أوامره للقوات في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر، بوقف إجازات العناصر والضباط واستدعاء المُجازين للالتحاق بقطعهم العسكرية.  كذلك تبدو غرف العمليات للقوات البرية التركية مستعدة لتنفيذ كامل المهامّ.

وبناءً على ما سبق من استعراض المؤشرات العسكرية فإنّ شنّ عملية بريّة يبدو بحاجة لمزيد من الإجراءات، والتي يُمكن اتخاذها بسهولة وبسرعة، إلّا أنّ غيابها يعني أنّ تركيا لم تصل بعدُ إلى مرحلة قرار التوغل البري.

ويمكن القول: إن التصعيد الحالي في الموقف يمثل إحدى مراحل التفاوض بالقوة بين الفاعلين الدوليين في سورية، ويهدف إلى وضع قسد تحت الضغط الأقصى، بحيث تكون أمام خيارين، إما سيطرة تركيا على عدّة مناطق، لا سيما تل رفعت وعين العرب (كوباني) وعين عيسى، أو سيطرة النظام عليها دون أي عمليات قتالية. وستكون قسد في كِلا الحالتين الطرف الخاسر. 

وبطبيعة الحال تُعتبر سيطرة فصائل المعارضة على تلك المناطق هي السيناريو الأمثل بالنسبة لتركيا، بما يوسّع من نفوذها على حساب مناطق قسد. 

بالمقابل فإنّ النظام وحلفاءه يرغبون بإنهاء جيب تل رفعت شمال حلب، والذي أُنشئ في ظروف لم تَعُدْ قائمة حالياً، كما أن لديهم رغبة في إنهاء موقف قسد المتعنّت خلال التفاوض مع النظام. وقد يُنظَر في هذا الصدد إلى استخدام تركيا للقوة بمثابة فرصة لإخضاع قسد للشروط المقبولة من قِبل إيران وروسيا.

ما سبق يُشير غالباً إلى أن تصعيد تركيا الحالي سينتهي إلى خسارة قسد في السيطرة والنفوذ، وقد يكون ذلك لصالح تركيا من خلال عملية برية، أو لصالح روسيا والنظام من خلال عملية تسلُّم وتسليم. في كِلا الحالتين ستُحقق تركيا مكسباً سياسياً وعسكرياً، وكذلك النظام وحلفاؤه، وهو ما يفسر إظهار "التفهُّم" من قِبلهم لمخاوف أنقرة الأمنية.