دلالة انتقاد الصحافة الروسية للنظام السوري
أبريل 23, 2020 1213

دلالة انتقاد الصحافة الروسية للنظام السوري

حجم الخط

تحت المجهر| دلالة انتقاد الصحافة الروسية للنظام السوري

كررت الصحافة الروسية خلال أيام انتقادات حادّة وغير مسبوقة للنظام السوري تتهمه بالفساد والضعف، وعدم السيطرة على الوضع، وكذلك التشكيك بشعبيته وشرعيته.

ومع أنّها ليست المرّة الأولى التي ينتقد فيها الإعلام الروسي النظام السوري، لكنّها من حيث التوقيت والحدّة تعطي مؤشرات متعدّدة أبرزها:

عدم رضا روسيا المتصاعد عن طريقة إدارة النظام السوري للأزمة الاقتصادية، وعدم التزامه بتوجيهاتها، ما قد يجعلها غير مستعدة لتحمل تكاليف ذلك بمفردها، لا سيما مع قرب دخول قانون قيصر حيز التنفيذ وعدم وجود بوادر لتخفيف العقوبات الاقتصادية مع مخاوف من تفاقم تأثير كورونا على قدرة السيطرة على الاقتصاد المنهار.

هناك شكوك روسية كبيرة إزاء التزام النظام السوري بمذكرة موسكو (2020) وفق المسار الذي تريده، وبالتالي فإن أي انزلاق للخروقات نحو استئناف العمليات القتالية قد يعرّض جهودها للخطر، وقد يكون النظام في هذا الصدد يستند إلى هامش التنافس بين روسيا وإيران الغير راضية أو متشكّكة من اتفاق وقف إطلاق النار والجدوى منه.

خشية روسيا من عدم قدرة بشار الأسد على الحفاظ على شبكة الأمان الاجتماعي والسياسي التي أسّسها النظام السوري على مدار العقود الخمسة الماضية؛ بسبب تنامي التنافس واستمراره بشكل حاد مع الطبقة السياسية والاقتصادية الجديدة في الطائفة العلوية، وبسبب سلوكه في التعامل مع شبكة المحسوبية، مما قد ينعكس على استقرار النظام السياسي ويدفع نحو توسيع الفجوة الأمنية في مناطق سيطرته.

تريد روسيا أن تبعث برسالة إلى إيران، تلوّح فيها بإمكانية عقد تفاهم أو اتفاق أمني مع الولايات المتحدة وتركيا يقضي بإجراء تغيير في رأس السلطة مع استئناف أعمال اللجنة الدستورية، هذا في حال استمرّت بعرقلة مساعيها لإصلاح القطاعين العسكري والاقتصادي في بنية الدولة وفق مقاربتها.

عِلماً، أن التنافس داخل أجنحة النظام السوري موجود بشكل حاد -هذا يشمل طبيعة العلاقة بين آل مخلوف وأسماء الأسد-وطبقات رجال الأعمال المحسوبة عليهم ومن المرجّح أنّ هذا التنافس تنامى عل نحو جعله يبدو خلافاً عميقاً، لكن ذلك لا يعني بالضرورة الوصول إلى صراع على الموارد والقوة والسلطة على نحو عنيف.

الحقيقة أنّ روسيا تُفضّل تماسك النظام السوري وشبكاته الاجتماعية والسياسية، لكن في حال عدم قدرتها على فرض سياسات موحدة فإنّها غالباً ما تستفيد من هذا التنافس الداخلي عبر إدارة الأزمة وفرض مزيد من التحكّم على رأس السلطة عبر زعزعة ثقته بطبيعة العلاقة معها.

 

وحدة التحليل والتفكير - مركز جسور للدراسات 

لزيارة قناتنا على التلغرام اضغط هنا