قرار أسعار الطاقة في الإدارة الذاتية: ارتباك سياسي وتنظيمي وأمني
مايو 21, 2021 1356

قرار أسعار الطاقة في الإدارة الذاتية: ارتباك سياسي وتنظيمي وأمني

حجم الخط

تحت المجهر | قرار أسعار الطاقة في الإدارة الذاتية: ارتباك سياسي وتنظيمي وأمني


أصدر المجلس التنفيذي للإدارة الذاتيّة التابعة لقسد بتاريخ 17 أيّار/مايو 2021 القرار رقم (119) والقاضي برفع أسعار جميع أنواع المحروقات والمشتقات النفطيّة في مناطق سيطرتها بنسب مرتفعة جداً، تبدأ من 100% وتصل إلى 300% لبعض المواد. 

كان هذا القرار مفاجئاً بشكل سلبي وسبّب صدمة كبيرة لدى المدنيين الموجودين في تلك المناطق، خاصة أنه يأتي في ظل وضع اقتصادي ومعيشي متردٍّ في تلك المناطق بالتزامن مع بداية موسم جفاف يهدد الموسم الزراعي في المنطقة الذي يعتبر العمود الفقري لاقتصادها، وكانت الإدارة نفسها قد حذّرت سابقاً من هذا التهديد وآثاره الكارثيّة على المنطقة. 

وقد تسبب القرار بموجة من الاحتجاجات الشعبية يوم 18 أيار/مايو 2021 في مختلف مناطق الإدارة الذاتية، بما في ذلك المناطق ذات الأغلبية الكردية. وتسبب التعامل العنيف لقوات الأسايش مع المظاهرات في مقتل وإصابة عدد من الأشخاص، وهي إصابات تركّزت في المناطق ذات الأغلبية العربية حصراً. 

في يوم 19 أيار/مايو، أصدرت الإدارة الذاتية القرار رقم 123، والذي ينص على التراجع عن القرار رقم 119، "نزولاً عند رغبة الشعب" وفقاً لتبرير الإدارة.  

ورغم إلغاء القرار وتوقُّف الاحتجاجات الرافضة له، إلّا أن ما جرى كشف جملة من الدلالات، أهمها: 

1-  امتدّت موجة الاحتجاجات الرافضة لهذا القرار إلى مناطق لم يسبق لها أن شهدت أيّة احتجاجات من هذا النوع، وكانت تعتبرها الإدارة مناطق استقرار أمني ومضمونة الولاء لها، وساعد هذا الامتداد على كشف التباين في التعامل الأمني لـ"قسد" بين الاحتجاجات في هذه المناطق والاحتجاجات في المناطق الأخرى ذات الأغلبيّة العربية التي تم مواجهتها بالرصاص الحي في مناطق "الشدادي" و"السبعة وأربعين" وحيّ "النشوة" في مدينة الحسكة.

2-  أثبت إصدار القرار والتراجع عنه لاحقاً فرضيّة عدم وجود آليّة حقيقيّة لصناعة القرارات داخل الإدارة الذاتيّة وانعدام التنسيق بين هيئات ومكاتب هذه الإدارة، وخضوعها غالباً لقرارات قادة عسكريين أو أمنيّين من خارج الإدارة وربما من خارج سورية أصلاً؛ دون دراسة أو تقدير، وهو ما ظهر في استنكار واستهجان عدّة جهات رسميّة تتبع للإدارة لهذا القرار، ومنها مجالس تشريعيّة وأخرى تنفيذيّة وأحزاب سياسيّة مشارِكة في الإدارة، ويُفترَض نظرياً أنها تشارك في صياغة القرارات واعتمادها.

3-  أظهرت هذه الاحتجاجات -وبشكل واضح- عدم قدرة الإدارة الذاتية على دراسة واستقراء الواقع المعيشي والاقتصادي في مناطق سيطرتها كخطوة لتحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي ضِمنها، بالرغم من الاستقرار النسبي في هذه المناطق والناتج عن حماية قوات التحالف الدولي لها والموارد الضخمة التي تتحصل عليها من بيع النفط والاتّجار به.

4-  أثبتت الاحتجاجات الأخيرة فشل الإدارة الذاتية بمؤسساتها المدنية والعسكرية حتى الآن في معالجة أو تقدير حجم الخطر والتحدّي الأمني الناجم عن علاقتها بالنظام، واستمرار احتفاظه بمربعات أمنيّة في عمق مناطق سيطرة "قسد"، وذلك بالرغم من اتهامها غير المباشر لخلايا تتبع لهذه المربعات بالتورط في عمليات القتل وإطلاق النار التي حدثت خلال المظاهرات الأخيرة.

 

وحدة التحليل والتفكير - مركز جسور للدراسات