أمريكا تُعزّز حضورها في المشهد السوري.. رسائل باتجاهات مُتعدّدة
سبتمبر 09, 2022 1716

أمريكا تُعزّز حضورها في المشهد السوري.. رسائل باتجاهات مُتعدّدة

حجم الخط

 

كثفت الولايات المتحدة الأمريكية من نشاطها في الملفّ السوري، خلال الأشهر الفائتة، عَبْر اتخاذ سلسلة من الخطوات، أعادت فيها التأكيد على حضورها كفاعل دولي رئيسي في سورية.       


وبالنظر للنطاق الزمني بين بداية الغزو الروسي لأوكرانيا أواخر شباط/ فبراير 2022، وبين انعقاد قمتَيْ طهران وسوتشي في آب/ أغسطس من العام ذاته، يُلاحَظ أنّ هناك مساراً متصاعداً للنشاط الأمريكي في سورية عسكرياً وسياسياً.       


تعزيز الحضور العسكري:    
أقامت القوّات الأمريكية نقطة عسكرية جديدة في قرية نقارة شمال شرق سورية في 4 أيلول/ سبتمبر 2022، وهي 3 مواقع للتحالف الدولي في منطقة القامشلي.   
يُمكن لهذه النقطة الجديدة أن تُساهم في مراقبة الأنشطة المتزايدة لروسيا وإيران في المنطقة؛ كونها تطلّ بشكل مباشر على القاعدة الجوية للقوات الروسية في مطار القامشلي، ولا تبعد سوى مسافة قصيرة عن المواقع العسكرية الإيرانية جنوب المدينة.   
وإنشاء موقع عسكري جديد للقوات الأمريكية في سورية قد يكون مؤشراً لتخلّي الولايات المتحدة عن رغبتها في الانسحاب من المنطقة في المدى القريب والمتوسّط، بعدما كانت تعمل على تقليص عدد القوات والمواقع العسكرية منذ نهاية عام 2019.   
ويُلاحَظ أنّ قوات التحالف الدولي قد أجرت تدريبات مشتركة -وغير مسبوقة- في 8 أيلول/ سبتمبر، مع قوات سورية الديمقراطية جنوب المالكية شمال شرق سورية. هذا مؤشر إضافيّ على رغبتها في إعادة التأكيد على حضورها العسكري في المنطقة.   
من شأن ذلك أن يوجّه رسائل لروسيا حول طبيعة التعاون العسكري بين التحالف الدولي وقسد، وهي التي تُحاول تقويض الثقة بين الطرفين وتعزيز العلاقة معها لا سيما بعد التدريبات المشتركة بين قسد وقوات النظام والتي أشرف عليها ضباط روس نهاية تموز/ يوليو.   
عدا أنّ تركيا ستقابل التدريبات بين قسد والقوات الأمريكية باستياء شديد، كونها تتعارض مع دعواتها المستمرّة لإنهاء تعاوُن الولايات المتحدة مع حزب الاتحاد الديمقراطي، ولأنّها قد تمنح وحدات الحماية الكردية الثقة بحماية طريق الإمداد الرئيسي لها بين سورية والعراق عَبْر منطقة فشخابور ومحيطها، والذي استهدفته تركيا خلال عملية المخلب – القفل في شباط/ فبراير 2022.   
من جانب آخر، وعسكرياً أيضاً، كانت الطائرات الأمريكية قد نفّذت في 23 آب/ أغسطس 9 غارات جوية على مواقع تتبع الميليشيات الإيرانية في دير الزور شرق سورية. وفي منتصف تموز/ يوليو، أجرى قائد القيادة المركزية الأمريكية مايك كوريلا زيارة إلى قاعدة التنف على الحدود السورية – الأردنية، والتقى مع قائد جيش مغاوير الثورة المتمركز في منطقة الـ 55.   
وهذه رسالة واضحة لإيران بأنّ أي تصعيد عسكري أمريكي ضد ميليشياتها في سورية غير مرتبط بالمفاوضات النووية. وهي بذلك أيضاً تُوجّه تطمينات لدول الخليج العربي ولإسرائيل، التي يُلاحَظ أنّها زادت من نوعية الأهداف التي تقوم بقصفها في سورية مؤخراً، وغالباً ما يجري ذلك بالتنسيق مع الولايات المتحدة التي ستعتبر هذا التعاوُن تأكيداً على الثقة بين الطرفين وعدم تأثُّرها بأيّ اتفاق نوويّ إنْ تم توقيعه.       


تعزيز الحضور السياسي:        

في أواخر آب/ أغسطس 2022، شاركت الولايات المتحدة باجتماع حول سورية في جنيف ضمّ ممثلين عن 11 دولة غربية وعربية إلى جانب تركيا، وحضرته هيئة المفاوضات السورية. خلص اللقاء إلى إعادة التأكيد على أنّ أيّ انتقال سياسي في سورية يجب أن يكون فورياً ووَفْق قرارات الأمم المتحدة وتحديداً 2254 (2015).   
ويختلف هذا الاجتماع عن بقية اجتماعات المجموعة المصغّرة حول سورية التي تُعقد على نحو مستمر لتجديد الموقف من العملية السياسية، فانعقاده في جنيف يأتي بعد دعوة روسيا لنقل مقر اجتماعات اللجنة الدستورية إلى مكان آخر غير العاصمة السويسرية، واعتبارها بأنّ صيغة أستانا الثلاثية هي الصيغة الدولية الوحيدة التي تُساهم فعلياً في التسوية السورية حالياً.    
هذا الاجتماع يحمل رسالة إلى روسيا بأنّ الولايات المتحدة مستعدّة لدعم صيغة دولية جديدة من أجل المساهمة في رعاية العملية السياسية إلى جانب الأمم المتحدة. بالتالي، منع أيّ توجُّه يقود لاحتكار رعاية العملية السياسية عَبْر صيغة أستانا أو أيّ صيغة أخرى قد تعمل روسيا على تأسيسها بعيداً عن مساهمة الغرب.