أشهُر على توقُّف الدوريات "الروسية - التركية" المشتركة شمال شرقي سورية
مارس 07, 2024 808

أشهُر على توقُّف الدوريات "الروسية - التركية" المشتركة شمال شرقي سورية

حجم الخط

في 3 آذار/ مارس 2024 أعلنت قوات سوريا الديمقراطية أنّ الدوريات العسكرية المشتركة بين روسيا وتركيا التي تُسيَّر في مناطقها متوقِّفة منذ 4 أشهُر، فيما نفت تسيير الجانبين دورية في منطقة الدرباسية شمال الحسكة.   

لكن الدوريات المشتركة متوقّفة منذ فترة أطول من 4 أشهر؛ فحسَبَ رصد مركز جسور للدراسات كانت آخِر دورية مشتركة سيّرها الطرفان في مسار الدرباسية بتاريخ 24 آب/ أغسطس 2023، وفي مسار عين العرب/ كوباني بتاريخ 17 تموز/ يوليو 2023، وفي مسار المالكية/ ديريك في 22 كانون الأول/ ديسمبر 2022.   

الدوريات "الروسية التركية" المشتركة هي الأداة الرئيسية التي اعتُمدت من الجانبين لمراقبة تنفيذ بنود مذكرة تفاهُم سوتشي (2019) وبشكل خاص البند المتعلق بانسحاب عناصر حزب العمال الكردستاني من الشريط الحدودي بين سورية وتركيا إلى مسافة 30 كم جنوباً، حيث تم تسيير الدوريات منذ بداية تشرين الأول/ أكتوبر 2019 وَفْق 5 مسارات؛ 2 منها في منطقة عين العرب شمال شرق حلب و2 في منطقة الدرباسية ومسار واحد في منطقة المالكية/ ديريك في محافظة الحسكة.   

استمرّت تركيا وروسيا 4 أعوام تقريباً بتسيير الدوريات المشتركة؛ حيث تمكنا من تسيير 215 دورية 143 منها في منطقة عين العرب و64 دورية في منطقة الدرباسية و8 في منطقة المالكية/ ديريك. مع ذلك لم ينجح الطرفان على ما يبدو في تحقيق الغاية المراد منها؛ إذ حافظ حزب العمال والتنظيمات التابعة له في سورية على أنشطتهم وانتشارهم في مناطق مسارات الدوريات عَبْر اتباع عدة تكتيكات أبرزها: إبعاد مراكز انتشارهم وعملياتهم عن مسارات الدوريات المشتركة الثابتة التي باتت معروفة لجميع الأطراف، وتغيير تحرُّكات عناصرهم وقياديِّيهم لتجنُّب تلك الدوريات، خاصةً أنّ مواعيدها أيضاً تسير غالباً وَفْق جدول زمني ثابت تحصل عليه قسد عن طريق مكاتب تنسيقها مع روسيا، إضافة إلى استمرار عمليات الحزب التي تستهدف تركيا في المناطق الحدودية أو في العمق التركي، وتنطلق أو يتم التحضير لها انطلاقاً من مناطق قسد التي يتم فيها تسيير الدوريات المشتركة.   

ثَمّة عدد من الأسباب التي أدّت غالباً إلى توقُّف تسيير الدوريات التركية الروسية المشتركة في مناطق سيطرة قسد شمالي سورية وشرقيها وأهمّها:   

تقييم تركيا السلبي لجدوى استمرار تسيير الدوريات المشتركة مع استمرار أنشطة حزب العمال، لا سيما في المناطق الحدودية التي بات يستخدمها كقواعد عمليات لتنفيذ هجماته داخل سورية أو في تركيا كما حصل في هجمات إسطنبول وأنقرة.   

تغيير تركيا لآلية مراقبة ورصد أنشطة الحزب داخل مناطق سيطرة قسد، والتركيز بشكل أكبر إمّا على الاستعانة بفِرَق الرصد الخاصة بجهاز الاستخبارات لديها التي ازداد نشاطها بشكل كبير في الفترة الأخيرة، ونجحت في الانتقال من مهمة الرصد إلى تنفيذ عمليات اغتيال مباشرة لكوادر الحزب في عُمْق مناطق قسد كعملية اغتيال القيادي مراد أتش وسط مدينة القامشلي في 12 شباط/ فبراير 2024 ، أو التنسيق مع مجموعات محلية مُعارِضة لقسد داخل مناطق سيطرتها البعيدة عن نطاق الطيران التركي، خاصةً في مناطق دير الزور وريف الحسكة الجنوبي كعملية اغتيال القيادي في قسد وحزب العمال شيروان حسن (روني) بتاريخ 5 كانون الأول/ ديسمبر 2023 عند مدخل قاعدة قوات التحالف الدولي في حقل العمر النفطي.    

احتمال أن يكون توقُّف الدوريات المشتركة مرتبطاً بإجراءات احترازية أمنية تتبعها عادةً تركيا، وتتمثل بوقف الدوريات المشتركة في فترات التصعيد الجوي ضد حزب العمال وقسد لتجنُّب أي عمليات انتقام عَبْر التنظيمات المحلية التابعة لهما والمنتشرة في مناطق مسارات الدوريات المشتركة، لكن طول فترة توقُّف الدوريات المشتركة وعدم تزامُن ذلك في البداية مع تصعيد عسكري تركي يجعل هذا الاحتمال ضعيفاً ومستبعَداً.   

ختاماً يمكن القول: يُتوقَّع أن تتوقّف الدوريات المشتركة بين الجانبين ضِمن مناطق قسد بشكل دائم، أو على الأقل يحصل تغيير في طبيعتها ومساراتها الحالية في حال استئنافها مستقبلاً، والذي قد يرتبط بتحقيق تركيا نجاحاً في تعزيز التنسيق مع الولايات المتحدة وروسيا لإعادة تقييم هذه الآلية وتغييرها لضمان فاعلية أكبر لها؛ مثل توسعة مساراتها لتكون أكثر مرونة وتغطي أكبر قدر ممكن من مناطق سيطرة قسد، خاصةً المالكية والقامشلي التي تُعتبر أكثر المناطق الآمنة لانتشار وأنشطة حزب العمال وجميع المناطق الأخرى التي ينشط فيها مع التنظيمات التابعة له في سورية.