الطريق إلى الإلغاء النهائي للعقوبات الأمريكية عن سوريا
نوفمبر 13, 2025 1458

الطريق إلى الإلغاء النهائي للعقوبات الأمريكية عن سوريا

حجم الخط

أصدر وزير الخارجية الأمريكية ماركو روبيو في 6 تشرين الثاني/ نوفمبر 2025 قراراً يقضي بتعليق عقوبات "قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا لعام 2019" لمدة 180 يوماً، دون أن ينطبق التعليق على المعاملات لصالح روسيا وإيران، وجاء صدور القرار -حسب بيان صحفي للوزير في 10 من الشهر ذاته- بناءً على الإجراءات التي اتخذتها الحكومة السورية عقب سقوط نظام الأسد. 

قرار وزارة الخارجية الأمريكية صدر في اليوم ذاته الذي صدر فيه قرار مجلس الأمن رقم 2799 (2025) الذي قضى برفع اسم الرئيس السوري أحمد الشرع ووزير الداخلية أنس خطاب من قائمة العقوبات المفروضة على تنظيمَيْ داعش والقاعدة. 

كان الرئيس دونالد ترامب قد أوعز إثر اللقاء الذي أجراه مع الرئيس أحمد الشرع في الرياض في أيار/ مايو الماضي لوزير خارجيته بالعمل على مراجعة إجراءات الحكومة السورية، ومدى تحقيقها المعايير التي حدّدها قانون قيصر لتعليق العقوبات أو إلغائها، والمتضمِّنة الوفاء بالتزاماتها بوقف استحداث الأسلحة الكيماوية وإنتاجها وتخزينها واستخدامها وبتدميرها، واتخاذ خُطوات لمحاسبة مرتكبي جرائم الحرب في سوريا، وإنصاف ضحايا جرائم الحرب التي ارتكبها نظام الأسد، والسماح بالعودة الآمنة والكريمة والطوعية للمهجَّرين، وإجراء تطوُّر ملموس تجاه التحول إلى جهة موقِّعة على اتفاقية حظر استحداث الأسلحة الجرثومية (البيولوجية) والسمية والنووية وإنتاجها وتخزينها وتدميرها. 

بالتالي، جاء تعليق عقوبات قانون قيصر بعد شهادة "ترامب" استناداً إلى مراجعة "روبيو"، والتي تنصّ على أن الحكومة السورية قد حققت المعايير المطلوبة للتعليق وَفْق قانون قيصر، وبعد سلسلة إجراءات اتخذتها الحكومة الأمريكية في تخفيف العقوبات عن سوريا بدأت في 30 حزيران/ يونيو، حيث تنازل ترامب عن تطبيق قانون المساءلة السورية بما يخفف من ضوابط التصدير، ويُسهّل النشاط التجاري والتنمية الاقتصادية لصالح الشعب السوري، ثم ألغى وزير الخارجية في 8 تموز/ يوليو تصنيف جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام) كمنظمة إرهابية أجنبية، واعتباراً من 20 تموز/ يوليو تنازل الوزير عن القيود المنصوص عليها في قانون الأسلحة الكيميائية والبيولوجية على سوريا المتعلقة بالمساعدات الخارجية وخاصة المالية، وفي 2 أيلول/ سبتمبر قررت وزارة التجارة الأمريكية تخفيف متطلبات الترخيص للصادرات ذات الاستخدام المزدوج إلى سوريا، وفي 7 تشرين الثاني/ نوفمبر أزالت الولايات المتحدة الرئيس الشرع ووزير الداخلية أنس حسن خطاب من قائمة الإرهابيين العالميين المصنَّفين بشكل خاص.    

من جانب آخر، ينصّ قانون قيصر على أنه يجب إعادة فرض أية عقوبة تم تعليقها بموجب الحكم على معايير استجابة الحكومة السورية، في حال قرّر الرئيس أن المعايير المذكورة لم تَعُدْ موجودة، وإعادة فرض العقوبات بعد رفعها لها سوابق أمريكية جرت مع دول أخرى مثل كوبا، وكوريا الشمالية. 

ثَمَّة فرق أساسي بين قرار التعليق، وبين قرار الإلغاء الكامل للعقوبات عن سوريا، وإزالتها من الدول الراعية للإرهاب بشكل نهائي؛ حيث يحتاج التعليق إلى شهادة من الرئيس أمام الكونغرس بأن الحكومة السورية لم تدعم الإرهاب الدولي خلال الأشهر الستة الماضية، إلى جانب ضمانات منها بأنها لن تستأنف هذا الدعم مستقبلاً، وهو ما حصل فعلاً وَفْق مراجعة "روبيو". 

بالمقابل، يحتاج قرار الإلغاء والإزالة النهائية من قائمة الدول الراعية للإرهاب إلى شهادة من الرئيس أمام الكونغرس بحدوث "تغيير جوهري" في الحكومة السورية، وأنها لم تَعُدْ متورِّطةً في أيّ نوعٍ من النشاط الإرهابي، كما يجب عليها أن تُقدّم للولايات المتحدة ضمانات بأنها لن تنخرط في نشاطٍ إرهابي من جديد، وفي هذه الحالة فإنه ليس هناك سوابق في إعادة فرض العقوبات على بلد تمت إزالته تحت بند "التغيير الجوهري"، حيث سيواجه قرار الإعادة عقبات وإجراءات عديدة ومعقدة توازي العقبات والإجراءات التي تم فيها فرض العقوبات في المرة الأولى. 

بند "التغيير الجوهري" ليس مستبعَداً، خصوصاً بعد زيارة الرئيس الشرع للبيت الأبيض، والإعلان الرسمي عن انضمام سوريا للتحالف الدولي لمكافحة تنظيمَيْ داعش والقاعدة، وسيكون مرتبطاً بقضيتين رئيسيتين هما اتفاقات الأمن الإقليمية، والإنهاء السلمي للنزاعات الداخلية بما يحفظ حقوق المكوِّنات السورية، ويضمن لها المشاركة الحقيقية في الحكم.