الموقف الأمريكي من التطبيع مع النظام السوري
مايو 04, 2023 1880

الموقف الأمريكي من التطبيع مع النظام السوري

حجم الخط


عقد مركز جسور للدراسات ورشة عمل خاصة ومصغَّرة في مدينة إسطنبول أمس الأربعاء (3 أيار/ مايو 2023) بعنوان: "الموقف الأمريكي من التطبيع مع النظام السوري" شارك فيها مسؤولون من المعارضة السورية الرسمية بالإضافة لباحثين سوريين عاملين في الولايات المتحدة الأمريكية، وناشطات وناشطين سوريين.

ورشة العمل بدأها محمد سرميني المدير العامّ لمركز جسور للدراسات بضرورة الفهم المعمق لتسارُع مبادرات التطبيع مع النظام السوري بعد الزلزال الذي أصاب سورية في شباط/ فبراير 2023 والذي وفَّر الغطاء الإنساني للاتصالات السياسية التي كانت مستمرة قبل ذلك مع النظام، وأكد أن مختلف الأطراف المحلية والدولية تراقب الموقف الأمريكي وتنتظره، وهو موقف مُقلِق من حيث الإجراءات التي لا توضح عملياً حقيقةَ الموقف كما يظهر في التصريحات الإعلامية. 

قدم المشاركون في الورشة إِحَاطاتٍ منهجيةً تحاول فَهْم حقيقة الموقف الأمريكي من النظام ومن التطبيع السياسي معه، وكانت هناك مُساهَمات ثريّة بحكم مشاركة أعضاء في هيئة التفاوض كانوا بين الوفد الذي زار واشنطن مؤخراً، ومشاركة باحثين وخبراء سوريين يعملون ضِمن مراكز أبحاث أمريكية معنية بالشأن السوري وشؤون المنطقة.

ناقش المشاركون جميعاً الموقف الأمريكي وتأثيره على الفاعلين المحليين وعلى الدول المعنية بالشأن السوري، لا سيما الدول العربية وتركيا، وأن هذا الموقف الأمريكي رغم تأكيداته الإعلامية في دعم القرار الأممي 2254 (2015) ودعم التغيير السلمي في سورية إلا أنه فعلياً متأثر وبشكل كبير بالتغيُّرات الإقليمية والدولية المتسارعة خلال الأعوام القليلة الماضية، والتي أفرزت أولويات لواشنطن ليس في مقدمتها القضية السورية.

فضلاً عن الكثير من المُدخَلات الأخرى التي أثّرت في الموقف الأمريكي الذي يمكن وصفه بالمتراجع، وهي مُدخَلات ترتبط بمصالح الدول الإقليمية مع حلفاء النظام (روسيا وإيران)، الذين جعلوا من سورية مساحة لاختبار النوايا في أي مبادرة، ولإيصال الرسائل التفاوضية سلباً أو إيجاباً، وساعَدَ في ذلك الجيوسياسي السوري الذي يتوسط هذه الدول.

كما بحث المشاركون التأثير الكبير لتموضع الفاعلين المحليين وسلوكهم على الموقف الأمريكي المتراجع، وخاصةً أن الأمر مرتبط بالإدارة الديمقراطية الحالية ومسؤوليها عن الملفّ السوري. ومنه كان النقاش في محور الورشة الأخير هو خيارات المعارضة أمام الموقف الأمريكي الذي اتَّجه إلى ترك فرصة لتطبيع حلفاء الولايات المتحدة مع النظام وإنْ لم تؤيده بشكل رسمي، واتفق المشاركون على ضرورة الانتقال من البحث في الأسباب والدوافع لفهم حقيقة التفاعُلات الإقليمية والدولية إلى ضرورة استعراض نقاط القوة ونقاط الضعف لدى المعارضة والبحث عن آليات استثمار كافة الفرص ومواجهة التحدِّيَات.

ورغم أن النقاشات حول المواقف الإقليمية والدولية وخاصة الموقف الأمريكي كانت تدعو للقلق إلا أن المشاركين اتفقوا أيضاً أنه لا بُدَّ من فَهْم المرحلة الحسّاسة وغير المستقرة التي يعيشها العالم أجمع، لا سيما بعد الخروج من أزمة كورونا والركود الاقتصادي الذي تسببت به ثم الهجوم الروسي على أوكرانيا وتداعياته، وبالتالي فإن المشهد غير مستقرّ ومن الصعب تحديد وجهته النهائية مع احتمالاتِ تصعيدٍ مستقبليةٍ قد تغيِّر كل الترتيبات المرحلية الحالية.

بناءً على ما سبق، أجمع المشاركون على ضرورة استثمار المعارضة السورية الوقت لتقوية بِنْيتها الداخلية وحلّ المشكلات، بالتوازي مع استمرار تفاعُلها الإيجابي مع جميع الدول بما يُحقِّق الرؤيةَ الوطنيةَ التي ينشدها السوريون لمستقبل سورية.


M (10)

M (6)

M (1)

M-(11)