بوادر احتواء أمريكي لمسار التطبيع العربي مع النظام السوري
يونيو 10, 2023 2007

بوادر احتواء أمريكي لمسار التطبيع العربي مع النظام السوري

حجم الخط


انتهى البيان الختامي لاجتماع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، مع وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي الذي عُقد في الرياض في 7 حزيران/ يونيو 2023، بالتأكيد على أنّ الحل السياسي في سورية يجب أن يكون عَبْر نهج الخُطوة مقابل خُطوة وبما يتوافق مع القرار 2254 (2015)، وعلى النحو المتفَق عليه خلال اجتماع عمّان التشاوُري.

كذلك، أكّد الوزراء -في البيان- على ضرورة تهيئة الظروف الآمنة لعودة آمِنة وكريمة وطوعية للاجئين والنازحين السوريين، بما يتفق مع معايير المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، إضافة لمعالجة قضية المحتجزين قسراً والمفقودين على النحو الوارد في بيان عمّان التشاوُري والقرار 2254، وبالتنسيق مع كافة الأطراف المعنية.

لم يسترشد البيان بمخرجات اجتماع جدّة التشاوُري الذي عُقد في 14 نيسان/ إبريل؛ وتعثّر في التوصّل إلى آلية لتفعيل الدور العربي في سورية، مما استدعى دول مجلس التعاون الخليجي والعراق والأردن ومصر لعقد اجتماع آخر في عمّان في 1 أيار/ مايو، تبنّى إطلاق دور عربي بموجب المبادرة الأردنية.

وثمّة فروق جوهرية بين مخرجات اجتماعَيْ عمّان وجدّة التشاوُرييْنِ فالبيان الصادر عن الأخير أغفل قرارات مجلس الأمن المتعلقة بالحل السياسي، ودور الأمم المتحدة في العملية السياسية، والقرارات المتعلّقة بإيصال المساعدات الإنسانية الأممية عَبْر الحدود، ودور مفوضية شؤون اللاجئين في تحديد معايير الظروف الملائمة لضمان العودة الآمنة للاجئين والنازحين. بالمقابل اشترط بيان عمّان أن يكون الحل السياسي منسجماً مع القرار 2254، إضافة لإطلاق سراح المعتقلين والسجناء السياسيين وتحديد مصير المفقودين، وتمديد قرارات دخول المساعدات الإنسانية، وتسهيل العودة الطوعية والآمِنة للاجئين، وإطلاق سراح المُختطَفين والمعتقلين، والبحث عن المفقودين، على أن يكون ذلك كله بالتعاون والتنسيق مع هيئات الأمم المتحدة ذات الصلة.

في الواقع، استرشد بيان اجتماع عمّان التشاوُري أيضاً بالمبادرة السعودية لكنّه ربط بوضوح الدورَ العربيَّ بعناصر المبادرة الأردنية القائمة على نهج الخُطوة مقابل خُطوة؛ لأنّ الرياض لم تُقدّم تفاصيل حول الآلية التي يُمكن من خلالها تفعيل الدور العربي في سورية، بخلاف عمّان التي دعت إلى تقديم الحوافز للنظام من أجل حثّه على تقديم التنازُلات.

والمبادرة الأردنية هي ذاتها "وثيقة اللاورقة" التي عرضها الملك عبد الله على الرئيس الأمريكي جو بايدن منتصف عام 2021، من أجل إقناعه بضرورة وجود دور عربي للحلّ في سورية عَبْر الانخراط مع النظام وتطبيع العلاقات العربية معه. لم تُعطِ واشنطن آنذاك موقفاً واضحاً من المبادرة رغم منحها استثناءً للأردن ولبنان ومصر من عقوبات قانون "قيصر" بغرض إتاحة المجال لعقد اتفاق بين تلك الدول مع النظام لمدّ خطوط الغاز والكهرباء.

حالياً، وبعد الاجتماع "الأمريكي – الخليجي" تبدو الولايات المتحدة أكثر استعداداً لإبداء موقف واضح تجاه المبادرة الأردنية، فقد تُبدي دعماً مشروطاً لها والتعامل معها كإحدى سياسات الاحتواء للنظام الهادفة لتعديل سلوكه.

عموماً إنّ التركيز على بيان عمّان والإهمال الكامل لبيان جدة، ولبيان القمة العربية يعكس موقف الولايات المتحدة في رفض أيّ دور عربي في سورية بعيداً عن قرارات مجلس الأمن، ودور الأمم المتحدة في رعاية العملية السياسية. هذا الموقف إنْ لم يُسهم في تنشيط العملية السياسية الأممية، فهو بالتأكيد سيؤثّر على جدوى التطبيع العربي الجماعي مع النظام، ويمنع النظام وحلفاءه من فرض معادلتهم للحلّ في سورية.