دلالات استمرار رفع الدعم عن السلع والخدمات في مناطق النظام السوري رغم الاحتجاجات
سبتمبر 28, 2023 1729

دلالات استمرار رفع الدعم عن السلع والخدمات في مناطق النظام السوري رغم الاحتجاجات

حجم الخط


مرّ قُرابة شهرين على انطلاق احتجاجات محافظة السويداء، إضافة لمظاهر الاحتجاج الأخرى التي خرجت في أنحاء مختلفة من مناطق النظام السوري بما في ذلك مدن الساحل. الظروف الاقتصادية هي أحد أهم العوامل التي دفعت الناس للاحتجاج بعد أن ساءت الأوضاع المعيشية بشكل كبير، رغم تصريحات مسؤولي النظام التي أعلنت مراراً عن انتهاء الأزمات السياسية والاقتصادية في البلاد.   

في غضون ذلك، لم تكن هناك استجابة ملحوظة من قِبل حكومة النظام لمطالب الاحتجاجات بجانبها الاقتصادي، بل على العكس حافظت على استمرار سياسة رفع الدعم خاصة عن المستلزمات الزراعية التي تُعَدّ أساساً للعملية الإنتاجية الحالية في السويداء والساحل.   

على سبيل المثال، تم رفع أسعار سماد اليوريا مؤخراً بحجة عدم توفُّره، رغم أن المعمل المنتج له في ريف حمص يعمل بأفضل طاقة إنتاجية، كذلك بالنسبة لبذار البطاطا التي يتم التمهيد لرفع الدعم عنها، كذلك لم يتسلم معظم المزارعين أي كميات من المحروقات اللازمة للعمل في الأراضي الزراعية وَفْق السعر المدعوم، على أمل أن يتم تسليمهم في تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، كما لُوحظ ارتفاع سعر العلف المخصص للدواجن والمواشي خلال الشهرين الأخيرين.   

تأتي هذه الإجراءات في ظل استمرار عجز حكومة النظام عن تأمين بدائل للمساكن المدمَّرة أو مساعدات فعّالة للمتضررين من الزلزال الذي ضرب البلاد في شباط/ فبراير 2023 ، رغم المعونة الوفيرة التي وصلت إلى مناطق سيطرته؛ حيث يعيش معظم النازحين في مآوٍ عامة أو منازل مستأجرة، مع وعود بتنفيذ أبراج سكنية لتعويض المتضررين.   

هكذا لا يبدو أن حكومة النظام أولت أي أهمية للاحتجاجات والاعتراضات والأصوات المتعالية في الأشهر الأخيرة، بل على العكس إنّها تسير بذات السياسة القائمة على رفع الدعم، مما يعطي عدداً من الدلالات، أبرزها:   

· خروج كثير من المؤسسات من سلطة النظام: رغم أن مؤسسات إنتاجية كثيرة لا تزال عامة نظرياً، إلا أن العقود الموقَّعة من إيران أو روسيا تجعل قدرة السيطرة لدى حكومة النظام على هذه المؤسسات وشكل الإنتاج أو السعر الخاص به غير ممكن. على سبيل المثال تسيطر شركة روسيا على معمل السماد في حمص، وتفرض الأسعار المناسبة لها، كما يسيطر تجار إيرانيون على السوق الحرة للسماد.   

· عجز عن تلبية المتطلبات: يحاول النظام دائماً أن يظهر قدرته على الاستجابة للأزمات، وبأنه ما زال يتحكم بمؤسسات الدولة، لكن من جانب آخر إن اختبار قدرته الفعلية أمام أزمات متوسطة أو كبيرة الحجم مثل الزلزال الذي وقع في سورية، والحرائق التي تقع دورياً في الساحل السوري، وقدرته على صيانة بعض البنى التحتية المدمَّرة واللازمة للسكان في مناطقه؛ تعكس فقدان القدرة لدى المؤسسات الحكومية على أداء الوظائف الحيوية المُناطة بها.   

· التمسك بمنطق عدم التنازُل: ما يزال النظام يرى أن أي احتجاج في البلاد مدفوع من قِبل "أطراف خارجية"، مع إنكار واضح لوجود أي مطالب محقّة أو عادلة، بالتالي، يرى أن تقديم أيّ مساعدة أو تحقيق مطلب هو تنازُل من طرفه، سيؤدي بالضرورة لتقديم تنازُلات أخرى.   

· الرغبة بالترويج للوضع الاقتصادي المتأزّم لتحصيل المساعدات: يحاول النظام إظهار البلاد على أنها على شفا حفرة الانهيار، وبالتالي فإنه الوحيد القادر على إنقاذها إذا ما تم دعمه ومساندته، وهو يطلب مقابل ذلك مساعدات مالية، ويطمح لها.   

بالنتيجة لا يُتوقَّع أن تبادر حكومة النظام في الفترة القريبة المقبلة لاتخاذ أي خُطوة إصلاحية في الجانب الاقتصادي على أقل تقدير، كزيادة دعم السلع الرئيسية أو الإعلان عن مشاريع تصبّ في صالح المحتجّين.