ماذا وراء تعطيل قرار إيصال المساعدات الإنسانية إلى سورية؟
يوليو 13, 2023 1697

ماذا وراء تعطيل قرار إيصال المساعدات الإنسانية إلى سورية؟

حجم الخط



عقد مجلس الأمن الدولي في 11 تموز/ يوليو 2023، جلسة لمناقشة تمديد التفويض لآلية المساعدات الإنسانية إلى سورية، وانتهت دون التوصّل إلى اتفاق على أي من مشروعَي القرارين اللذيْنِ تم تقديمهما.       

استخدمت روسيا حق النقض (فيتو) وصوّتت ضد مشروع قرار معدّل قدّمه حملة القلم البرازيل وسويسرا ينصّ على أن تصبح مدّة التمديد لمعبر باب الهوى الحدودي 9 أشهر عوضاً عن 12 شهراً، ويتضمّن لغة تعالج العديد من القضايا التي طالبت بها روسيا في مشروع قرارها، مثل تحسين عمليات التسليم عَبْر الخطوط، وتوسيع الأنشطة الإنسانية لتشمل الأعمال الإنسانية المتعلقة بالألغام، والاعتراف بحجم أزمة النزوح في سورية.       

ومشروع القرار الروسي تضمّن ال ترخيص لمعبر باب الهوى لمدة 6 أشهر، وتقديم الأمين العامّ تقريراً خاصاً عن تأثير العقوبات الأُحادية على الوضع الإنساني والاحتياجات الإنسانية في سورية بحلول 10 كانون الأول/ ديسمبر 2023، إضافة إلى مساهمة مشاريع التنمية المستدامة في العودة الآمنة والكريمة والطوعية للاجئين والنازحين السوريين إلى مواطنهم الأصلية.                

ولم يشأ كِلا الطرفين، على خلاف ما هو معتاد ومتوقَّع في مجلس الأمن بين الدول الغربية دائمة العضوية وروسيا منذ عام 2014، بذل مزيد من الجهد للتفاوض على مشروعَي القراريْنِ المقدّميْنِ حول إيصال المساعدات الإنسانية إلى سورية، مما أدّى إلى تعطيل آلية عَبْر الحدود التي تتم دون إذن النظام السوري.        

علماً أنّ تعطيل الآلية جاء رغم تقارُب لغة مشروعَي القرارين؛ حيث قال مندوب البرازيل بعد فشل التصويت: إنّ بعض عناصر مشروع القرار الروسي مدرجة بالفعل في نص مشروع القرار "السويسري – البرازيلي"، إضافة لأنّه يُعالج الشواغل التي أعرب عنها مندوب النظام السوري.       

هناك 3 سياقات أو أسباب محتملة وراء تعطيل الآلية في مجلس الأمن، وهي: رغبة روسيا بإنهاء الآلية، أو غياب الرغبة الغربية في التسوية، أو رغبة الدول الغربية بالذهاب بالفيتو إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة.       

  • رغبة روسيا بإنهاء الآلية: ومحاولة استغلال الإذن الممنوح من النظام لمعبرَي الراعي وباب السلامة والذي حصلت عليه الأمم المتحدة في 13 شباط/ فبراير بعد كارثة الزلزال؛ حيث صرّح مندوبها بأنّه لا حاجة إلى قرار دولي يخرق سيادة النظام، الذي يمكن له منح مثل هذا الإذن أيضاً لمعبر باب الهوى أو لغيره إذا دعت الحاجة لذلك، وأن الأمم المتحدة أثبتت من خلال الاتصالات والتنسيق مع النظام بعد الزلزال أنها قادرة على تنظيم عملها بدون الآلية.     
  • غياب الرغبة الغربية في التسوية: وهو ما عبّر عنه مندوب روسيا الذي قال: إنّ الدول الغربية لم يكن لديها هذه المرة الرغبة أو الاستعداد للذهاب إلى التسوية، وإنّ هذا التعامل كان طريقة استفزازية دفعت بلاده لاستخدام حقّ النقض (فيتو). قد يكون هذا الموقف من قِبل الدول الغربية دائمة العضوية نتيجة حرصها على عدم منح روسيا مزيداً من التنازُلات بخصوص الآلية، لا سيما مع وجود آلية بديلة تحمل اسم "إنصاف" تم إعدادها منذ نهاية عام 2022 بعد أن بدأت روسيا مساعيها لتقويض إيصال المساعدات عَبْر الحدود.     
  • الذهاب إلى الجمعية العامة: عملاً بالقرار 67/262 الصادر في 26 نيسان/ إبريل 2022، والذي قرر عقد جلسة رسمية للجمعية العامة في غضون 10 أيام من استخدام دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن حقّ النقض، وإجراء مناقشة بشأن الحالة التي استخدم فيها. كان هذا القرار قد اتُّخذ بعد غزو روسيا لأوكرانيا في 24 شباط/ فبراير 2022.       

علماً أنّ فيتو روسيا الذي سبق قرارَ المساعدات الإنسانية 2642 (2022) ذهب أيضاً إلى الجمعية العامة، لكن بعد أن كان قد تمّ الاتفاق على تمريره قبل عَقْد الجلسة المخصصة لمناقشة استخدام حق النقض. وسيكون الوضع مختلفاً إنْ لم يتفق مجلس الأمن على قرار حول الآلية في غضون الأيام العشرة القادمة، مما يعني إمكانية أن تقرر الجمعية العامة تمديد قرار المساعدات وَفْق الصيغة التي تم رفضها في مجلس الأمن، أو وَفْق صيغة معدَّلة تُنشئها الجمعية العامة. ومن شأن ذلك أن يبعث رسالة إلى روسيا أنّه بعد الحرب على أوكرانيا لم تَعُدْ دولة فيتو مطلقة الصلاحية في استخدامه، وأنه يمكن حرمانها من حقّ النقض، ونقل بعض القرارات إلى أجهزة أخرى في الأمم المتحدة.       

بالنتيجة إنّ تعطيل قرار المساعدات الإنسانية عَبْر الحدود إلى سورية لا يعني تقويض وصولها أو العودة إلى إذن النظام لدخولها من المعابر، فالبدائل باتت متوفّرة عن الآلية وعن استخدام روسيا المتكرّر لحق النقض في مجلس الأمن.