مظاهر الاضطراب الأمني في مناطق النظام السوري: الأسباب والدلالات
يونيو 06, 2023 1960

مظاهر الاضطراب الأمني في مناطق النظام السوري: الأسباب والدلالات

حجم الخط


تستمر مظاهر الاضطراب الأمني في مناطق النظام السوري، بوتيرة متصاعدة منذ منتصف عام 2022، الذي أصدرت فيه وزارة دفاع الأخير  تعميماً  تضمن تعليمات مشددة بهدف السيطرة على عمليات تفخيخ الآليات والسيارات العائدة لضباط وصف ضباط، بواسطة العبوات الناسفة . 

ومنذ مطلع عام 2023، شهدت تلك المظاهر ببعديها السياسي والاجتماعي تصاعداً أكبر؛  حيث زادت عمليات استهداف عناصر النظام ودورياته بالعبوات الناسفة وعبر الهجمات المباشرة ضمن مناطق عدّة مثل حوش عرب وبيت جن والكسوة وبرزة في دمشق وريفها، وفي درعا وريف حمص الشمالي ودير الزور. 

من جانب آخر، تتجدّد كل فترة الاقتتالات العشائرية والعائلية وحالات الخطف والسرقة والعنف، والتي يُلاحظ وقوعها في مناطق أكثر من غيرها مثل دمشق وحمص والسويداء ودرعا ودير الزور؛ حيث يقف النظام والأجهزة الأمنية التابعة لها وراء قسم منها، وبذات الوقت ينأى بنفسه عن التدخل لحلها. 

في الواقع، إنّ تصاعد مظاهر الاضطراب الأمني ببعديها يرجع إلى مجموعة من العوامل المركّبة، أبرزها:  

  • ضعف الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة للنظام في مناطق التسويات التي تقع معظم العمليات فيها؛ كرد فعل على سياسات النظام الأمنية والانتقامية، وحملات الاعتقال التعسفية والتجنيد الإجباري . 
  • اختراق الأجهزة الأمنية والعسكرية من قبل أبناء مناطق التسويات، وبالتالي، إمكانية الوصول إلى معلومات عن الأشخاص وتحركاتهم عبر الآليات التي يستقلونها، وسهولة استهدافهم. 
  • تنازع وتنافس الميليشيات والأجهزة العسكرية والأمنية على النفوذ والمكاسب المالية، مما يدفعها للعمل كل على حدة ويضعف التنسيق فيما بينها، فضلاً عن إضعاف بعضها للآخر. تظهر هذه الحالة بوضوح في مدينة دير الزور، حيث يمتنع كل من الأمن العسكري والميليشيات الإيرانية والدفاع الوطني عن تقديم الدعم المتبادل سواء في المواجهات مع تنظيم داعش أو الاشتباكات البينية.  
  • ضعف المؤسسات المسؤولة عن تطبيق القانون، والتي استغلها النظام لتحفيز النزاعات الاجتماعية لارتكاب التجاوزات المختلفة بحق الأفراد والممتلكات، وبحق مؤسسات النظام نفسه، ثم تكليف الوجهاء المحليين لحل تلك الخلافات ليظهر حضوره الشكلي فيها لا الفعلي. 
  • انتشار السلاح بين مقاتلي عناصر الوحدات العسكرية والميليشيات، والاحتفاظ به من قبل بعض الأهالي في مناطق المصالحات لعدم الثقة بالنظام وضماناته، تزامناً الأزمات الاقتصادية وتراجع المستوى الخدمي والمعيشي. وتعاظم دور الميليشيات وعدم رغبة النظام في محاسبتها وحاجتها للتمويل، وفسح المجال لها للسرقة والتعفيش كما هو الحال في مخيم اليرموك جنوبي دمشق، أو السماح لها لممارسة حالات التسلّط ضد المعارضين كما هو الحال في درعا وبيت جن، أو تبديل ولاءاتها كحالة العناصر في دير الزور وتبديل ولاءاتهم بين الفرقة الرابعة والميليشيات الإيرانية بسبب الأجور أو المعاملة السيئة. 

في المحصلة تعكس مظاهر الفوضى الأمنية في مناطق النظام والدوافع المؤدية لها عدم قدرته على إعادة السيطرة، وفرض سلطة المؤسسات المعنية، وسحب السلاح من الميليشيات، نظراً للواقع الذي آلت إليه تلك المؤسسات التي تعاني بالأساس من خلل بنيوي متمثّل بالفساد وضعف الخبرة والكفاءة المهنية، فضلاً عن نفوذ وقدرة كل من إيران وروسيا على التدخّل في عمل وقرار الأجهزة التابعة له، وسيطرة كل منهما على قسم منها.