هل تسعى إيران لإشعال الجبهة السورية الإسرائيلية؟
أبريل 11, 2023 1652

هل تسعى إيران لإشعال الجبهة السورية الإسرائيلية؟

حجم الخط


أعلن الجيش الإسرائيلي في 8 نسيان/ إبريل 2023، رصد إطلاق 3 صواريخ من سورية باتجاه هضبة الجولان المحتلّ، وبعد يوم واحد ردّت إسرائيل بتوجيه ضربات ضد أهداف تابعة لإيران جنوب البلاد.

تتوقّع إسرائيل على ما يبدو قيام إيران بدعم الفصائل الفلسطينية لتأسيس بِنْية تحتية في سورية من أجل استهدافها سواءً بالصواريخ أو عَبْر عمليات التسلّل البري لتنفيذ عمليات في العمق، لا سيما أنّ المصالحة بين النظام وحماس التي رعتها إيران كانت تتضمن إعادة افتتاح مكاتب الحركة في دمشق وربما معسكرات تدريب خاصة بها أيضاً.

ولإيران فعلاً قدرة على التصعيد ضد إسرائيل والولايات المتحدة انطلاقاً من سورية؛ نظراً لانتشارها العسكري الإستراتيجي جنوب وشرق البلاد؛ حيث حرصت منذ بداية تدخُّلها على تعزيز نفوذها فيهما، لأهميتهما بالنسبة لمشروعها في المنطقة، وكونهما يوفران لها الظروف الجغرافية للتأثير العسكري ضد خصومها.

إنّ استخدام إيران لمناطق جنوب سورية في قصف الجولان المحتلّ تزامُناً مع التصعيد الذي شهده الأقصى وقطاع غزة وجنوب لبنان، يعني التهديد بإشعال الجبهة السورية، أي أنّها تحاول إظهار حجم قواتها ونطاق انتشارها وقدرتها على التأثير العسكري انطلاقاً من الساحة السورية، مع قدرتها على توسيع نطاق نقاط الانطلاق كما حصل خلال التصعيد الأخير.

بالمقابل ليس من الممكن، ولا يبدو في صالح إيران أن تذهب بأي تصعيد راهن لمرحلة إشعال الجبهة "السورية – الإسرائيلية" لأسباب عديدة، أبرزها:

1- إنّ مساعي إشعال الجبهة الشمالية تقوّض جهود إيران في تطبيع علاقات النظام السوري مع محيطه العربي، لا سيما أنّ أحد أبرز شروط التأهيل هي تقليص أنشطة الميليشيات الإيرانية جنوب البلاد، وهو ما يتعارض تماماً مع أي تصعيد قد ينطلق من محافظتَيْ درعا والقنيطرة.

2- إنّ مساعي إشعال الجبهة الشمالية تؤثّر بشكل كبير على الخروقات التي حقّقتها إيران في التهدئة الإقليمية، لا سيما بعد الاتفاق مع السعودية برعاية صينية، والذي تهدف منه لفتح المجال أمام المسارات الدبلوماسية والسياسية للاقتصاد بالمجهود الحربي الذي استنزفها خلال السنوات الماضية وأثّر على الداخل الإيراني وما يتعلق بمستوى معيشته.

بالنتيجة، يُمكن القول: إن زيادة أو تراجُع التصعيد المضبوط والمنتظم الذي يحكم الحالة العسكرية الإيرانية في سورية، تتناسب مع نفوذ إيران في المنطقة وأهداف سياستها الخارجية الراهنة، أي دون الانزلاق إلى مواجهة شاملة انطلاقاً من الجبهة السورية. هذا ينطبق أيضاً على حالة التصعيد مع الولايات المتحدة، لا سيما بعد القصف الصاروخي والجوي الذي قامت به الميليشيات الإيرانية ضد القواعد الأمريكية شرقي سورية في نيسان/ إبريل 2023، والذي يهدف غالباً إلى التلويح بالتصعيد لتحقيق مكاسب سياسية، لا سيما تلك التي تتعلّق باستئناف المفاوضات بشأن البرنامج النووي.