أثر النزاعات الدولية على الملفّ السوري
أقام مركز جسور للدراسات بعد ظهر يوم الثلاثاء 28 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023 ورشة عمل خاصة شارك فيها نخبة من السياسيين والباحثين والإعلاميين والناشطين من السوريات والسوريين، لنقاش الآثار والتداعيات التي تركتها النزاعات الإقليمية والدولية على الملفّ السوري، وخاصة الحرب في غزة وقبلها الحرب الروسية على أوكرانيا.
بدأت ورشة العمل بترحيب مدير المركز الأستاذ محمد سرميني بالمشاركات والمشاركين في قاعة الاجتماعات ضِمن المكتب الرئيسي لمركز جسور للدراسات في مدينة إسطنبول، وبالمشاركين من خلال برنامج الاجتماعات الافتراضية zoom، وقدم مدير المركز تمهيداً حول أطراف الحرب في غزة وتأثير مصالحهم في الحرب هناك على الملفّ السوري، حيث إنه رغم تراجُع الزخم في الملف السوري إلا أن التموضع الجيوسياسي يُبقي سورية مكاناً مهماً ومؤثراً ضِمن خارطة تغيُّرات الشرق الأوسط.
بعد ذلك ناقش المشاركون محاور الورشة، وقدموا تصوُّراتهم حولها، وكانت المحاور التي تم نقاشها هي:
• تموضع النظام السوري في محور المقاومة والممانعة
• ملفّ التطبيع العربي مع النظام السوري بعد حرب غزة
• النفوذ الإيراني في سورية وتفاعُلاته بعد حرب غزة
• فرص روسيا ضِمن الخريطة السورية بعد حرب غزة ومع استمرار أزمة أوكرانيا
وقد تنوعت الآراء خلال المداخلات بحجم تأثُّر الخريطة السياسية والميدانية ومصالح الفاعلين المحليين والخارجيين في الملفّ السوري بهذه النزاعات، التي كان من الواضح أنها كان يُراد لها أن تبقى تأثيراتها محدودة في أماكنها سواء في غزة وقبلها في أوكرانيا، وألّا تؤثر واسعاً على التوازُن المرسوم والمستمر في المشهد السوري بين الفاعلين.
وقد خلص المشاركون بعد النقاش والتداول إلى أن ارتدادات النزاعات الإقليمية والدولية لا بد أنها جزء من تغيُّرات المنطقة، وأن ارتدادات هذه النزاعات لا بد أنها كبيرة، لكن ليس بشكل مباشر أو على المستوى القريب، بل ربما تُشكّل هذه الآثار والتداعيات شكل المشهد العامّ الجديد للمنطقة جميعها والتي تتموضع سورية في محورها.
ومع توصيات المشاركين بأن تستمر هذه الحوارات بين النخبة في المعارضة السورية فإنهم اتفقوا مع ما ختم به مدير المركز الورشة عن ضرورة التفكير مليّاً من المعارضة السورية بحجم الهوامش التي تتركها هذه التغيُّرات الدولية، وما تتركه من فرص لا يمكن أن يستثمرها الشعب السوري وقُوَاه إلا بعد نضوج المشروع الوطني الجامع الذي تقدمه النُّخَب السورية ليلتف حوله جميع السوريين.
مع التأكيد على أن القضية السورية ستبقى حاضرة دائماً، ولا يرتبط الاهتمام بها بوجود النزاعات الإقليمية أو اشتدادها، وإنما بدور الاستقرار في سورية في رسم الاستقرار في المنطقة جميعها، وعليه فإن من المفيد التفكير دائماً بالأفكار العملية التي تساعد على خلق الاستفادة الوطنية من جميع الفرص، وأن تُوضع هذه الأفكار في أيدي الفاعلين والمؤثِّرين وأصحاب القرار.