إجراءات عسكرية أمريكية في سورية تستهدف القوات الروسية
مايو 17, 2023 2356

إجراءات عسكرية أمريكية في سورية تستهدف القوات الروسية

حجم الخط


بتاريخ 22 آذار/ مارس 2023، صرح قائد القوات الجوية في القيادة المركزية الأمريكية أليكسوس غرينكيفيتش، أنّ الطائرات الروسية نفذت نحو 25 طلعة فوق قاعدة التنف العسكرية في ريف حمص خلال الشهر ذاته، مقابل صفر من الطلعات في شباط/ فبراير و14 طلعة في كانون الثاني/ يناير، معتبراً إياها انتهاكاً لاتفاق منع التصادم الموقَّع بين الجانبين منذ عام 2019، ومحذِّراً من أنّ استمرار هذه الطلعات قد يؤثر على جهود مكافحة الإرهاب في سورية.   

أواخر الشهر ذاته، تحدثت تقارير صحافيّة غربية عن وجود دعم استخباراتي روسي للضربات الصاروخية التي تقوم بها الميليشيات الإيرانية ضد القواعد العسكرية للقوات الأمريكية في سورية كقاعدتَي التنف والقرية الخضراء (حقل العمر النفطي)؛ ورغم عدم وجود تأكيد أو نفي من كِلا الجانبين لهذه التقارير إلّا أنّها تبدو منطقية خاصةً أنّ الميليشيات الإيرانية لا تمتلك المقدرة العسكرية واللوجستية على إجراء عمليات الرصد والاستكشاف الميداني التي تسبق الاستهداف الصاروخي الذي تقوم به ضدّ المواقع الأمريكية؛ أي من غير المُستبعَد أن تكون الطلعات الجوية الروسية المكثفة فوق القواعد العسكرية الأمريكية بغرض الرصد والاستكشاف الميداني لصالح الميليشيات الإيرانية.   

على إثر الأنشطة الروسية قامت الولايات المتحدة بتنفيذ سلسلة من التحركات العسكرية التي تستهدف الوجود الروسي في سورية وتحاول إشغاله تزامُناً مع الواقع الحَرِج الذي تواجهه في أوكرانيا، وأبرز هذه التحرُّكات:   

  • زيادة تدابير وتحرُّكات حاملة الطائرات الأمريكية وحلف الناتو الموجودة في البحر الأبيض المتوسط بهدف إشغال كافة صنوف القوات الروسية الموجودة في سورية في مراقبة ورصد هذه التدابير والتحركات وخاصةً طيران القوات الفضائية الروسية المتمركزة في قاعدة حميميم، مما يضمن تقليص فرص وقدرة هذه القاعدة الرئيسية بشكل خاص والقوات الروسية بشكل عامّ على مراقبة ورصد الأنشطة والقوات الأمريكية المنتشرة في منطقة التنف وشرق الفرات.   
     
  • إعادة الوجود العسكري للقوات الأمريكية إلى مناطقَ سوريَّةٍ كانت قد انسحبت منها عام 2019 أمام انتشار القوات الروسية. على رأس هذه المناطق محافظة الرقة التي بدأت القوات الأمريكية منذ بداية عام 2023 حراكاً واضحاً فيها تجلّى في إنشاء قاعدة عسكرية أمريكية على أطراف المدينة والعمل على تشكيل فصيل عسكري محلي من أبناء المحافظة يكون تابعاً بشكل كامل لقوات التحالف والقوات الأمريكية.   
     
  • إعلان القيادة العسكرية الدنماركية في نيسان/ إبريل الماضي سحب جنودها الموجودين في كل من سورية والعراق، ضِمن مهمة التحالُف الدولي ضد داعش، ومشاركتها في التدريبات العسكرية التي أُطلق عليها "أورورا 23" إلى جانب 13 دولة أخرى في مقدمتها الولايات المتحدة وبريطانيا، وبمشاركة 26 ألف جندي بهدف بناء دفاع عسكري مشترك في إطار مراجعة حلف الناتو لسياساته الدفاعية في أوكرانيا وعمله على تدعيم القوات العسكرية الأوروبية. يأتي ذلك كمساهمة في تدعيم القوات الأوروبية ضدّ روسيا مقابل اتخاذ مزيد من إجراءات الردع ضد روسيا في سورية والمتوسط.   

بالنتيجة، يبدو واضحاً أنّ الولايات المتحدة تعمل على تعطيل التعاون الاستخباراتي المُفترَض بين روسيا وإيران في سورية؛ لكون هذا التنسيق يستهدف الوجود والمصالح الأمريكية هناك، وبذات الوقت تستمر في تنفيذ وتخطيط العمليات العسكرية ضدّ روسيا في أوكرانيا مع تعزيز قدرات دول حلف الناتو التي تشكل روسيا تهديداً لها. كل ذلك عملاً بمبدأ "مشاغلة القوات" كأحد أساليب القتال الرئيسية التي تُستخدم لضمان تقويض قدرة روسيا على تطوير عملياتها في سورية أو أوكرانيا.