دور مجلس الشعب الجديد في سوريا
أقام مركز جسور للدراسات مساء السبت 20 كانون الأول/ ديسمبر 2025 ندوة حوارية في دمشق، بعنوان: "دور مجلس الشعب الجديد في سوريا"، شارك فيها نخبة من السيدات والسادة الفاعلين في المجتمع المدني والقطاع البحثي والإعلامي، بينهم البعض ممن كانوا في الهيئات الناخبة لمجلس الشعب السوري 2025، وخبراء سياسيون وقانونيون.
افتتح الندوةَ الأستاذ محمد سرميني المدير العامّ لمركز جسور للدراسات بالترحيب بالمشاركين، وتأكيد أهمية نقاش الموضوع بمختلف أبعاده السياسية والاجتماعية والاقتصادية، داخلياً وخارجياً، وفق ما تحتاجه سوريا والسوريون بنظرة واقعية تراعي الظروف والتحديات.
ناقش المشاركون في الندوة مهام مجلس الشعب الجديد وفق الإعلان الدستوري، والحاجات التشريعية التي تنتظرها سوريا الجديدة، وقدرة المجلس بعد استكماله على القيام بها، وأبرز التحديات التي ستواجه المجلس، وسُبُل حلّها وتجاوزها.
ذهبت مداخلات المشاركين لنقاش تشكيل المجلس والطريقة التي تمت بها الانتخابات، واتصال ذلك بالدور المنوط بأعضاء المجلس مستقبلاً، كما أبدى بعض المشاركين استغرابهم من تأخُّر إتمام تشكيل المجلس؛ مع أن الانتخابات جرت بشكل سريع، والطعون لم تأخذ حقها كما يجب تحت عنوان الحاجة المُلِحّة لتشكيل المجلس.
رأى المشاركون في الندوة أن المجلس لن يأخذ دوره الكامل بكونه "السلطة التشريعية" في البلاد مع عدم قدرته على الرقابة والمساءلة للسلطة التنفيذية، والتأكيد على أن سوريا المستقرة الواعدة كما يريدها السوريون تحتاج إلى الشفافية التامة والثقة التي لا يحققها إلا مبدأ الفصل بين السلطات. مع ذلك، أكد المشاركون على قدرة المجلس وأعضائه على القيام بهذا الدور من خلال بناء التفاعل والثقة مع مختلف شرائح المجتمع وقواه السياسية والمجتمعية، والثقة هي من أولى أولويات المجلس حسب بعض المشاركين.
أكّد المشاركون أن المجلس سيكون مضطراً للاستعانة بلجان من الخبراء والفنيين، خاصة أن من مهامه التي ستستغرق وقته وجهده دراسة القوانين والمقترَحات التشريعية التي سترفعها الوزارات ومؤسسات الدولة، لإقرارها بشكل قانوني.
بالنسبة للأولويات التي سيقوم بها المجلس فور انعقاده وأداء أعضائه للقَسَم، رأى بعض المشاركين أنّ قوانين العدالة الانتقالية وقانون الأحزاب يجب أن يتابعها المجلس فور انعقاده، لكنّ الاستحقاق الأهم للمجلس هو إعداد النظام الداخلي، فهو المستند القانوني والتشريعي الذي يرسم دور السلطة التشريعية في البلاد وآليات عملها، مع الأخذ بالاعتبار أن المجلس ونظامه الداخلي سيكون منسجماً مع المرحلة الانتقالية وظروفها، بينما شَكْل المجلس وطريقة تشكيله ودوره ومهامه مستقبلاً سيحددها الدستور الذي لا بد أن يعتمد في ذلك على ما سيشارك به المجلس الحالي من إتاحة المجال للحياة السياسية من خلال الأحزاب والنقابات والقوى السياسية والمجتمعية.
الحديث عن الدستور ودور المجلس في إعداد الدستور أخذ حيِّزاً من النقاش في الندوة، فإلى جانب سحب دور المجلس الرقابي على السلطة التنفيذية، فقد سحب الإعلان الدستوري مهمة إعداد الدستور الجديد للبلاد من المجلس، بينما تحدث بعض المشاركين عن أن اللجنة المختصة بإعداد الدستور الجديد للبلاد لا بد أن تنسق مع المجلس الذي سيكون له في النهاية دور رئيسي في الاستفتاء على الدستور الجديد.
ناقش المشاركون أيضاً التحديات التي قد تعوق عمل المجلس، ومنها عدم الذهاب إلى فصل السلطات بشكل حقيقي وفاعل، والخشية من تغوُّل السلطة التنفيذية على باقي السلطات، لكن في ذات الوقت ناقش المشاركون ضرورة الدور التكاملي في هذه المرحلة المليئة بالتحديات.
كما اقترح المشاركون مجموعة واسعة من الحلول على شكل توصيات، منها أن يشارك المجتمع المدني مع المجلس في إنجاح دور المجلس ومهامه، وهذا الدور للمجتمع المدني ضروري مع جميع الوزارات والمؤسسات أيضاً وليس فقط مع المجلس، لكن الجانب التمثيلي الذي يقوم به المجلس يفترض تواصُلاً أكبر بينه وبين المجتمع.
أخيراً أكّد المشاركون على ضرورة أن تقوى سوريا والحكومة السورية وسلطاتها التشريعية والتنفيذية والقضائية ومؤسساتها المختلفة بتوفير ظروف الحياة السياسية الحقيقية في المجتمع السوري، وأن تكون الشفافية بمعاييرها الضامنة والفاعلة عنواناً رئيسياً في بناء المؤسسات وتقييم أدائها، واختُتمت الندوة بضرورة عقد المزيد من الحوارات
والندوات التي يشارك فيها أعضاء مجلس الشعب الجديد، وأن تشمل جميع المحافظات السورية.



